بسم الله الرَّحمن الرحيم
الحمدُ لله ربِّ العالمين والصلاة والسلام على نبيِّنا محمَّدٍ وآله وصحبه أجمعين، وبعد:
فإنَّ الدِّفاعَ عن أهل الحقِّ دفاعٌ عن الحقِّ، وإنَّ الشيخ المناضل المجاهد/ جميل الرحمن رحمه الله، له على أهل الحقِّ حقٌّ، وقد قام به بعضهم في زمنٍ مضى، لكن يحسن بل ويتأكد أن يُجدد الأمر ويوضح خاصَّة لجيل الشباب السَّلفي الصَّاعد الذي يجهلُ كثيراً من تلكم الحقائق النَّاصعة، لأسباب عديدة، منها:
1/ بيان الحقِّ وإظهار أنَّ أهله بحقِّ قاموا بما أوجب الله عليهم، نصرة للدين وحفظاً لشريعة سيد المرسلين.
2/ الرَّد على أهل الباطل جميعاً بشتى صورهم وأصنافهم، في رميهم لأهل الحقِّ بالتخاذل عن القيام بهذه الشعيرة العظيمة، ألا وهي (الجهاد في سبيل الله)، وأنَّ قيامهم بها بعلمٍ وعدلٍ، وعلى منهاج النبوة.
3/ مزاحمة أهل البدع في إظهار رموزهم (الخوارج)، في صورة (المجاهدين) الذين ناضلوا وقاتلوا وفعلوا وفعلوا...
ألقاب مملكة في غير موضعها....كالهر يحكي انتفاخاً صولة الأسد
فوالله وبالله وتالله لا للإسلام نصروا ولا لأعدائه كسروا، كما قاله شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله.
وعلى كلٍّ أقولُ:
إنَّ الشيخ المجاهد المناضل العالم السَّلفي/ جميل الرحمن رحمه الله، أعرفهُ معرفةً شخصيةً، وصحبته في أوقات عدة، وبخاصة في بيت الضيافة في بيشاور وفي ولايته (كنر)، و أقول بعض ما لمسته منه رحمه الله:
كان عالماً معلماً، نشطاً في الدعوة إلى الكتاب والسنة، منابذاً للبدع محارباً لها، يسعى بكل ما أتي في إظهار التوحيد والسنة، قليلَ الكلام، كثيرَ الصَّمت، كثيرَ التفكر، صاحب أدب وخلق عالٍ، مع تواضع جمٍّ، ونظرة متأنية، متعبداً زاهداً، حريصاً على نشر التعليم السُّني السَّلفي، فأنشأ معهداً باسم (المعهد الشرعي لإعداد الدعاة) في (بيشاور).
هذا المعهد دَرَسَ فيه عددٌ من الدُّعاة، والغرض منه تأهيل الدُّعاة بالعلم الشَّرعي الصَّحيح المبني على الوحيين، وكانَ الأمرُ كما أرادَ رحمه الله، ومن نشاطات المعهد: طبعُ الكتب السلفية، والتي منها: (منهج و دراسات لآيات الأسماء والصفات) للإمام الحبر محمد الأمين الشنقيطي رحمه الله، وكذا كتاب ( أصول في البدع والسنن) للعلامة محمد أحمد العدوي رحمه الله، وهي رسالة مفيدة وجيدة.
وكذا كتاب (هل المسلم ملزمٌ باتباع مذهب معين من المذاهب الأربعة) للعلامة محمد سلطان المعصومي المكي رحمه الله، وغيرها كثير.
كلُّ هذا النشاط أغاظَ أهل البدع من الحزبيين و من لفَّ لفهم، ففكروا ودبروا فقتلوا كيف دبروا، فقاموا بما يدلُّ دلالة واضحة على خبث النوايا والحنق على السنة وأهلها الذابين عنها، فحاربوا داعية التوحيد والسنة، الرافع لراية الجهاد الحقَّة، فحاصروا الشيخ جميلاً وحاصروا قومه واستعانوا بالمتردية والنطيحة والموقوذة وكل تالفةٍ وهالكة، كلّ ذلك للقضاء على راية التوحيد والسنة!! فاعتبروا يا أولي الأبصار!
و قبل قتل الشيخ جميل رحمه الله، عُقدت لجنة للإصلاح- زعموا- ولكم أن تتأملوا مَنْ فيها؟! (زعيم الخوارج أسامة بن لادن، وداعية من دعاة الفتنة والانحراف عدنان عرعور، وأحد أذناب الإخوان المسلمين وبوق من أبواق الخوارج سعد الشريف!) ورابع نسيته الآن، لك أن تتأمل فيه التركيبة العجيبة المنحرفة؟ ماذا عساها أن تُظهر؟ هل ستنصرُ الحقَّ، وتدين المبطل؟! كلا، وإنمَا حصل ما كان مُتوقَّعاً منْ: خُذلانهم للحقِّ وأهله، وسكوتهم عن إظهار الحقِّ وكتمهم له، ونُطقهم بالباطل، نعوذ بالله من الضَّلال، وقديماً قيل (الشيء من معدنه لا يستغرب)!!!
فقتل الشيخ جميل رحمه الله، يوم الجمعة، على يد أحد أفراخ الخوارج، و بتأييد من أهل الضلال، والكلُّ صامتٌ، بل يدّعي الدعي سفر الحوالي بقوله (فتنة سلم الله منها أيدينا فلتسلم منها ألسنتنا)؟! كلمة حقٍّ يُريد بها باطلاً، فلم يتكلَّموا بالحقِّ، وإنما بضدِّه، ولم تسلم ألسنتهم من السكوت عن الباطل، وإنما العكس فنطقوا بالباطل في وجه من صاح بالحقِّ، تخذيلاً وتخديراً ودفاعاً عمن مدحوهم زمناً طويلاً، فبان عوارهم وحنقهم على التوحيد وأهله، أعني: حكمتيار، وسياف، ورباني، ومن لف لفهم.
وعلى كلِّ حال، فما آلت إليه أفغانستان منذ ذلك الحين حتى الآن لا أشكُّ أنَّ سببه:
قتلهم لأحد أئمة التوحيد والسنة في تلك البلاد، ألا وهو الشيخ العالم جميل الرحمن رحمه الله، (والله لا يحب الظالمين) و(إنَّ ربك لمرصاد).
أسأل الله العظيم أن يغفر للشيخ جميل، وأن يسكنه فسيح جناته، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
وكتب
عبد الله بن عبد الرحيم البخاري
28/ محرم/ 1430هـ
[تنبيه: أصل هذا المقال تعليق للشيخ على موضوع نشر في شبكة سحاب السلفية بعنوان: (العالم المجاهد جميل الرحمن... نشأته.. ثناء العلماء عليه.. مقتله..)]