X

أهمِّيةُ الرَّدِّ علَى المخالفِ، وبيانُ جُمْلَةٍ مِنْ ثَمَارهِ الحلقة الثانية

أضيف فى : 11 يوليو 2015

بسم الله الرحمن الرَّحيم

الحمدُ لله ربِّ العالمين والصَّلاة والسَّلام على نبيِّنا محمَّدٍ وآله وصحبه أجمعين، أمَّا بعدُ:

فقد سبقَ أنْ كتبتُ منذُ زمنٍ مقالاً بعنوان (أهميَّة الرَّدِّ على المخالفِ وبيانُ جملةٍ من ثماره)، وذكرتُ في ذلكم المقال ما يتعلَّق بشطرِ العنوان الأول، أعني (أهمية الرَّدِّ على المخالف)، ووعدتُ بأنني سأُتبعه بما يتعلَّق بذكر جملةٍ من ثمرات الرَّدِّ على المخالف؛ فهذا إيفاءٌ بالوعدِ المذكور، والله أسأل التَّوفيق والسَّداد في القول والعمل، إنَّه سميعٌ مجيب.

وهنا ألفتُ إلى أمرٍ؛ وهو أنَّني في أثناء كتابتي لـ(الثمرات)، بدا لي أنْ أتطرَّق إلى بيانِ نقاطٍ عدَّة لها علاقة بالموضوع والمقال، وللحاجة إليها فيما يبدو لي- ولعله لغيري أيضاً-، وهذه النِّقاطُ هي كالتالي:

النقطة الأولى: المرادُ بالمخالف هنا؟
النقطة الثانية: التفرقة بين العالم المخطئ والأتباع.
النقطة الثالثة: واجبنا تجاه غلط وخطأ العالم السُّنِّي.
النقطة الرابعة: ذكر بعض الأمور التي ينبغي توفُّرها فيمن يتولى الرد على المخالف.
النقطة الخامسة: ذكرُ جملة من ثمار الرد على المخالف.

وطريقتي في عرض هذه النقاط: أنني أعنون للنقطة، مع بيانٍ مُختصر لها، مُدلِّلاً عليها بأقوالِ سلفنا وأئمتنا رضي الله عنهم، تَقريباً للمَعْلومة وإيضاحاً لها.

وليعلم الجميعُ:أنَّ ما أقومُ به، وما يقومُ به غيري من أهل العلم وطلابه الجادين، إنَّما هو جمع و ترتيب و بيان و تقريب كلام أئمتنا المبثوث في كتبهم، والمنقول عنهم في كتب من بعدهم من علماء أهل السنة، فأسأل الله العظيم رب العرش الكريم أن ينفعني بما أبذله لوجهه الكريم يوم العرض عليه يوم لا ينفع مالٌ ولا بنون إلا من أتى الله بقلبٍ سليم.

تنبيهٌ:
نظراً لطول الموضوع وتعدد نقاطه، فإني آثرتُ أنْ أورده على حلقاتٍ؛ ليتمكَّن الإخوة من الاطِّلاع عليه والتأمل فيه، والله والموفِّق.

النُّقطةُ الأُوْلَى: أَنَّ الْمُرَادَ بـ(الْمُخَالِف) هُنا ، هُو: مَنْ خَالَفَ الْحَقَّ، مُبْتَدِعَاً كَانَ أمْ سُنِِّيَّاً مُخْطِئاً!!
فَالْمُبْتَدِعُ يُردُّ عَليهِ وَ تُدْحَضُ بدْعتهُ، وَ يُظْهَر الْحَقّ، نَصِيْحَةً لله وَرَسُولهِ وَلِكتَابهِ وَلعَامَّةِ الْمُسْلمين.

أمَّا السُّنِّي الْمُخْطئُ الَّذي ظَهَرَ وذَاعَ خَطَؤهُ، فَنَردُّ غَلَطهُ وَ لَهُ عَلْيَنَا ابْتِداءً- تَفَضُّلاً وَ إحْسَاناً لاَ وُجُوبَاً- حَقّ النَّصيْحَة وَ التَّذكير سِرَّاً قَبْلَ نَشْرِ الرَّدِّ عليه؛ فَإِنْ رَجَعَ وبيَّنَ فَذَلكَ هُو الْمُرَادُ، وإنْ لَمْ يَنْتَصحْ مِنْ غَيْرِ عِنَادٍ وَاسْتِكبارٍ؛ نُشِرَ الرَّدُّ، ولاَ إِشْكَالَ فِي هَذا؛ لأنَّ الْحقَّ أَحب إليْنا وَ أَعزّ، وهُو عَلَى الكفَايَةِ، صِيَانَةً للحقِّ ونُصْحاً لعامَّة الأُمَّةِ، كمَا قرَّره أئمَّة الْحَقِّ.

قَالَ الإمَامُ البربهاريُّ في (شرح السُّنَّة)(رقم 9/69):" واعْلَم أنَّ الْخُرُوجَ مِنَ الطَّريقِ عَلَى وَجْهَين:
أمَّا أَحَدُهُمَا: فَرَجَلٌ قَدْ زَلَّ عَنِ الطَّريقِ، وَهُو لاَ يُريْدُ إلاَّ الْخَير، فَلا يُقْتَدى بِزَلَّتِهِ، فَإنَّه هَالِكٌ.
وآخَر عَاندَ الْحَقَّ وخَالَفَ مَنْ كانَ قَبْلَهُ مِنَ الْمُتَّقِيْنَ؛ فَهُو ضَالٌ مُضِلٌ، شَيْطَانٌ مَريدٌ فِي هَذهِ الأُمَّة، حَقيقٌ علَى مَنْ يَعْرِفْهُ أنْ يُحَذِّرَ النَّاسَ مِنْهُ، وَيُبَيِّنَ للنَّاسِ قِصَّتَهُ، لِئَلاَّ يَقَعَ أَحَدٌ فِي بِدْعَتهِ؛ فَيَهْلَك".
وَ يُنْظَرُ: (مقدّمة صحيح مسلم)(1/29) و(الإبانة الصُّغرى)(ص 348) و(مَجموع الفتاوى)(2/357) وغيرها كثيرٌ.

ومِمَّا سَبَقَ يَتَقرَّر أنْ لاَ تَلاَزُمَ بين الرَّدِّ عَلَى الْمُخَالِفِ وَالتَّبديع، فَقَدْ يكُونُ الْمَرْدُود عَليه مُبْتَدِعَاً وقَدْ لاَ يَكُونُ،بِمَعنى:
أنَّ الرَّدَّ علَى الْمُخَالِفِ لا يَعْني بِالضَّرورة تَبْدِيعَ الْمُخَالِفِ، إلاَّ إنْ عَقَدَ ألويَةَ الوَلاَءِ وَ البراء عَلَى مُخالفَتهِ، فَيُبَدَّع علَى ذَلِكَ؛ لِعَقْدِهِ الوَلاَءَ وَ البَرَاء عَلَى مَا لاَ يَجُوزُ عَقْده عليهِ- ينظر (الْمَجموع)(20/164)-.
أوْ خَالفَ الكتَابَ وَالسُّنَّةَ الْمُسْتَفِيْضَة أوْ مَا أَجْمَعَ عليهِ سَلَفُ الأُمَّةِ خِلاَفَاً لاَ يُعْذرُ فيهِ، فَهَذَا يُعَامَلُ بِمَا يُعَامَلُ بِهِ أهْل البِدَعِ، كمَا قَالَهُ شَيخُ الإسلام – (الْمَجْمُوع)(24/172)- و للمسألةِ تَفْصِيلاتٌ أُخْرَىَ لعلَّ الله يُيَسِّرُ بَيَانَها وتَفْصِيْلهَا.

"ومِنَ الأَمْثِلَةِ عَلَى عَدَمِ التَّلازم بَيْنَ الرَّدِّ والتَّبْديعِ ؛ أنَّ عَدَداً مِنْ عُلمَاءِ أهْلِ السُّنَّة ردَّ بَعْضُهمْ عَلَى بَعْضٍ، ولَمْ يُبدِّعْ أَحَدهم الآخر، بلْ حَفِظَ كلٌّ منْهُما للآخر مكانَتهُ وَاحْتِرامهُ، مَع رَدِّهِ لِغَلطهِ، ولَمْ يَعْقِدْ أحدهمَا علَى قَوله وَلاءً وَ بَراءً، بَلْ مِنْهُم لَمَّا ظَهَرَ لَه غَلطهُ رَجَعَ عَنْ قَولهِ إلَى قَولِ مُخَالِفِهِ، وَهَذا لا يَعِيْبهُ بَلْ يَرْفعهُ؛ لِرُجُوعهِ إلَى الْحَقِّ وبُعْدِهِ عَن الْمُعَانَدةِ وَالْمُكَابَرَةِ!
فَمَثَلاً:
خَالَفَ العَلاَّمة عبدُالعزيز بن بَاز شَيْخهُ العلاَّمة مُحمّد بن إبراهيم آل الشَّيخِ في (مسألة طَلاقِ الثَّلاث بِلَفْظٍ واحد)، وَردَّ أيضَاً علَى العلاَّمة الألباني في مسائل منْها (وضع اليدين على الصَّدر بعد الرَّفع من الرُّكوع) و غيرها منَ المسائل، وَردَّ العلاَّمة الألباني علَى العلاَّمة عبدالعزيز بن باز وغيره في الْمَسْأَلةِ الْمُشَارِ إليْهَا وفِي غَيرها، وردَّ العلاَّمة بديع الدّين السِّندي على العلاَّمة الألباني في المسألة السَّابقة، وردَّ عليه الألباني، وردَّ العلاَّمة حُمود التُّويجري على العلاَّمة ابن عُثيمين، في مَسْأَلَةِ تَتعلَّقُ بِصِفَةِ الْمَعيَّة، و رَجعَ العَلاَّمَةُ ابن عُثيمين عنْ قولهِ إلى قَول التّويجري، وردَّ العلاَّمة التويجري على الألبانِي فِي مَسائل في صفة الصَّلاَة وغَيرهَا، وردَّ عليه العلاَّمة الألباني، وبَيْنَهما وِدٌّ واحترامٌ، بَل إنَّ التويجري استضافَ الألباني في بَيتهِ لَمَّا زَارَ الرِّياض!!
وَهَكَذا فِي رُدُودٍ كثِيرةٍ مَشْهُورةٍ مَنْثُورةٍ بَيْنَ عُلمَاء أهْلِ السُّنَّة، ولَمْ يُبدِّع أَحدهم الآخر، ولَمْ يَمْنَع ذَلكَ من ردِّه ِعلَى مَنْ يَراهُ خَالفَ الصَّوابَ، ونَشْرِ الرَّدِّ عليهِ، وَ لَمْ يَعْقِد أَحدهُما وَلاءً وبراءً على قَولهِ، بلْ إنَّ الإمَام الألباني مَع أنَّه يَرى (بدعيَّة وضع اليدين على الصَّدر بعد الرَّفع منَ الرُّكُوع) يَرَى أنَّه لَو صلَّى خَلْفَ مَنْ يَقُولُ بِسُنِِّيَّة الوَضْعِ بَعد الرَّفع لتَابَعَهُ فِي ذَلكَ لِعُمُوم الْحَديثِ (إنَّمَا جُعِلَ الإمِامُ ليُؤْتَمَّ بهِ..)، فهَذا دَليلٌ علَى عَدَمِ عَقْدهِ الوَلاَء وَالبَراءَ عَلَى قَولهِ!!

الثَّانية: التَّفرقةُ بين العَالِمِ الْمُخْطئ وَ الأَتْبَاع.
وذلكَ: أنَّ بَعضَ مَنْ يُخطئُ مِنْ أَهل العِلمِ والسُّنَّة لاَ يَتَعمَّدُ الْخَطَأ أو الْمُخَالفَة لِلْحقِّ، بلْ يَبْذُلُ وسْعَه للوصولِ إليه، لكنْ لاَ يُوفَّق لإصابَةِ الْحَقِّ.
وتَرَى مَنْ يُعَظِّمه مِنْ أتْباعهِ يَتَّبعهُ فِي خَطَأهِ عِنَادَاً وَ اسْتِكباراً، ويَعْقِدُ وَلاءً وَ بَرَاءً عَلَى خَطَأ شَيْخهِ!! دَلِيْلهُ فِي ذَلك: أنَّ فُلاَناً قَدْ قَالَ بهِ!
فالعالَمُ الْمُخْطئُ يُعْذَرُ ولا يَأْثَمُ، بِخِلاَفِ مَن اتَّبعهُ عِنَاداً واستكباراً فَلا يُعْذَر وَيَأْثَمُ.

وَ فِي أَمْثَالِ هَؤلاَء يُقرِّرُ الإمَامُ ابْنُ رَجَبٍ الْحَنْبليّ كَلاماً فِي غَايَةٍ مِنَ النَّفَاسَة وَالْمَتَانَةِ حَيثُ قَالَ فِي (جَامع العُلُوم والْحِكَمِ)(2/ ص267-268-ط الرِّسالة):" وهَا هُنَا أَمرٌ خفيٌ يَنْبغي التَّفطُّن لَه؛ وَهُو:

أنَّ كَثِيْراً منْ أئمَّة الدِّين قَدْ يَقُولُ قَولاً مَرْجُوحاً، ويكونُ مُجْتَهِداً فيه، مَأْجُوراً عَلى اجْتِهَادهِ، مَوضُوعاً عنْهُ خَطؤهُ فيْه، وَلاَ يَكُونُ الْمُنْتَصِرُ لِمَقَالتِهِ تِلْكَ بِمَنْزِلتهِ فِي هَذه الدَّرجة؛ لأنَّه قَدْ لا يَنْتَصرُ لِهَذا القَول إلاَّ لِكَونِ مَتْبُوعه قَدْ قَالَهُ، بِحَيثُ إنَّه لَو قَالَهُ غَيْرُه مِنْ أئمَّةِ الدِّين لَمَا قَبِلَهُ، ولا انْتَصرَ له، ولا وَالَى مَنْ وَافقه، ولا عَادى منْ خالفه، وَهُو مَع هَذا يَظَنُّ أنَّهُ إنَّما انْتَصَرَ لِلْحقِّ بِمنْزلة مَتْبوعه، وليس كذلكَ، فَإنَّ مَتْبُوعه إنَّمَا كاَنَ قَصدهُ الانْتِصَار لِلْحقِّ، وَإنْ أخْطَأَ فِي اجْتِهَادهِ، وَأمَّا هَذَا التَّابعُ، فَقَدْ شَابَ انْتصارَه لِمَا يظنُّه الْحقّ إرَادَة عُلوِّ مَتْبُوعهِِ، وَ ظُهُورِ كَلمتِهِ، و أَنْ لا يُنْسَبَ إلَى الْخَطَأ، وهَذهِ دَسِيْسةٌ تَقْدَحُ فِي قَصْدِ الانْتِصَارِ لِلْحَقِّ، فَافْهم هَذَا، فَإنَّه فَهْمٌ عَظِيمٌ، واللهُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إلَى صِرَاطٍ مُسْتَقيمٍ".
وينظر: (مِنْهَاج السُّنَّة النَّبويَّة)(4/543-544) و(مجموع الفتاوى)(11/ 14-16).

قالَ شَيخُ الإسْلاَم ابن تَيمية كمَا في (المجموع)(35/69-70):" وَسَائِرُ أَهْل السُّنَّة والْجَمَاعة وأئمَّة الدِّين لا يَعْتَقدونَ عِصْمَةَ أَحَدٍ مِنَ الصَّحَابَةِ وَلاَ القَرابَة ولا السَّابقين ولا غَيرهم، بلْ يَجُوزُ عنْدَهم وُقُوع الذُّنُوب منْهم، واللهُ يَغْفرُ لَهم بالتَّوبة، ويرفعُ بِهَا دَرجاتهم، ويغفرُ لَهم بِحسناتٍ ماحيَةٍ، أو بِغير ذَلك من الأسْبابِ..- ثم ذكر بعض الآيات في الباب...إلى أن قال- فأمَّا الصِّديقون والشُّهداء والصَّالُحون فَليسوا بِمَعْصُومينَ، وهَذا في الذُّنُوب الْمُحَقَّقَةِ.
وأمَّا ما اجْتَهدوا فيه: فتارةً يُصيبون، وتارةً يُخْطِئون.
فإذَا اجْتَهَدوا فأصَابوا فَلَهُمْ أَجْرَان، وإذَا اجْتَهدوا و أَخْطَئُوا فَلَهُم أجرٌ على اجْتِهَادهم، وخَطَؤُهم مَغْفُورٌ لَهم.
وأَهْلُ الضَّلالَ يَجْعلونَ الْخَطَأ وَالإثْمَ مُتَلازِمَيْنِ، فَتارةً يَغْلُونَ فيهمْ؛ فَيَقولونَ:
إنهم معصومون.
وتارةً يَجْفُون عَنْهم؛ فَيقولونَ:
إنَّهم بَاغُون بالْخَطَأ.
وأهلُ العِلْمِ وَالإيْمَانِ: لاَ يعْصمونَ، وَلاَ يُؤثِّمونَ
".

وقالَ الإمامُ مُحمَّدُ الأمين الشَّنيقطيُّ في (أضواء البيان)(538 -7/533،537):" اعْلَمْ أنَّ الْمُقَلِّدينَ اغْتَرُّوا بِقَضيَّتين ظنُّوهُما صَادِقَتَيْن، وَهُما بَعِيْدَتَانِ عَن الصِّدقِ..."، ثُمَّ ذَكرَ الأُوْلَى- وسَتَردُ في مَحلِّها بِحولِ الله، ثُمَّ قَالَ-:" وأمَّا القضيَّةُ الثَّانية؛ فَهِيَ: ظَنُّ الْمُقَلّدين أنَّ لَهُم مِثْل مَا لِلإمَامِ مِنَ العُذرِ في الْخَطأِ.

وإيْضَاحه : أنَّهم يَظنُّون أنَّ الإمامَ لَو أَخْطَأَ فِي بَعْضِ الأَحْكَام، وقلَّدوهُ فِي ذَلِكَ الْخَطَأ؛ يَكُونُ لَهُم مِنَ العُذْر فِي الْخَطَأ وَالأَجْر مِثْل مَا لذلك الإمَام الَّذي قلَّدوهُ؛ لأنَّهُم مُتَّبعونَ لَه، فَيَجْري عليهمْ مَا جَرَى عليهِ.

وهذَا ظَنٌّ كَاذبٌ بَاطِلٌ بِلاَ شَكٍّ ؛ لأنَّ الإمَامَ الَّذي قَلَّدُوهُ بَذَل جهْدهُ في تَعلُّم كِتَاب الله وسُنَّة رَسولهِ وأَقْوَال الصَّحَابة وفتَاويهم، فَقَدْ شَمَّر، ومَا قَصَّرَ فِيْمَا يَلْزَمُ مِنْ تَعلُّم الوَحي والعَمَل بهِ، وَطَاعة الله علَى ضَوء الوَحْي الْمُنْزَلِ، ومَنْ كَان هَذا شأنُهُ؛ فَهُو جَديرٌ بالعُذْرِ فِي خَطئهِ وَالأجر عَلَى اجْتِهَادهِ.

وأمَّا مُقَلِّدوهُ؛ فَقَدْ تَرَكُوا النَّظَر فِي كتَاب الله وسُنَّة رَسولهِ، وَأَعْرَضُوا عَنْ تَعَلُّمها إعْرَاضاً كليَّاً، معَ يُسْرهِ وَسُهُولتهِ، وَنَزَّلوا أقوالَ الرِّجَال الَّذين يُخْطِئونَ وَيُصِيْبُونَ مَنْزَلةَ الوَحي الْمُنْزَلِ مِنَ اللهِ، فَأَيْنَ هَؤلاءِ مِنَ الأئمَّةِ الَّذينَ قَلَّدُوهُم؟! .
يُتبعُ بحول الله تعالى.

 

وكتبه
عبدالله بن عبدالرحيم البخاري
8/ صفر/ 1430ه