بسم الله الرَّحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمدٍ وآله وصحبه أجمعين، وبعد:
فلعلَّ فيما أنقله للإخوة عن شيخ الإسلام ابن القيم رحمه الله كفاية وبيان وتجلية فيما دار هنا من حوار هادف بنَّاء بحول الله تعالى.
قال الإمام الهام ابن القيم في كتابه القيم (شفاء العليل) (ص 104/ ط دار التراث بمصر): "فصلٌ: وهاهنا أمرٌ يجبُ التَّنبيه عليه والتَّنبُّه له، وبمعرفته تزول إشكالاتٌ كثيرةٌ تعرضُ لمن لم يُحط به علماً، وهو:
أن الله سبحانه وتعالى له الخلق والأمر.
وأمره سبحانه نوعان:
أمرٌ كوني قدري.
وأمر ديني شرعي.
فمشيئتهُ سبحانه متعلِّقةٌ بخلقه وأمره الكوني، وكذلك تتعلَّق بما يُحبُّ وبما يكرهه.
كلُّه داخلٌ تحت مشيئته، كما خلق إبليس وهو يُبغضه وخلق الشياطين والكفار والأعيان والأفعال المسخوطة له؛ وهو يُبغضها.
فمشيته سبحانه شاملةٌ لذلك كلِّه.
وأما محبته ورضاه فمتعلِّقةٌ بأمر الديني وشرعه الذي شرعه على ألسنة رسله، فما وجدَ منه تعلَّقت به المحبة والمشيئة جميعاً؛ فهو محبوبٌ للرب واقعٌ بمشيئته، كطاعات الملائكة والأنبياء والمؤمنين.
وما لم يوجد منه تعلَّقت به محبته وأمر الديني ولم تتعلَّق به مشيئته.
وما وجدَ من الكفر والفسوق والمعاصي تعلَّقت به مشيئته ولم تتعلَّق به محبته ولا رضاه ولا أمره الدِّيني.
وما لم يوجد منها لم تتعلَّق به مشيئته ولا محبَّته..
فلفظُ (المشيئة) كوني، ولفظ (المحبة) ديني شرعي.
ولفظ (الإرادة) ينقسم إلى إرادة كونية؛ فتكون هي المشيئة.
و إرادة دينية فتكون هي المحبَّة..."
إلى آخر كلامه في هذا الفصل الهامِّ المهم الذي يجبُ أن يَتأمّله طالب العلم، والله أسأل أنْ يوفقنا لما يحبُ ويرضى.
وكتب
عبد الله بن عبد الرحيم البخاري
4/ ذي الحجة/ 1429هـ
[تنبيه: أصل هذا المقال تعليق للشيخ على موضوع نشر في شبكة سحاب السلفية بعنوان: (الفرق بين صفة المشيئة وصفة الإرادة)]